تألم فاتجه بغلبة نحو الصلاة`
في هذا البستان الذي هرب اليه داود من وجه ابنه أبشالوم، أما داود فاستمر يرتقي جبل الزيتون باكياً مغطى الرأس وحافي القدمين (2 صم 15: 30) وفي هذا الجبل ذرى يوشيا الملك الصالح غبار مذابح الاصنام (2 مل 23: 16) وهكذا الرب يسوع كان منحصراً في حزنه وضيقه الشديد حتى انه باح الى تلاميذه وقال نفسي حزينة جداً حتى الموت (متى 26: 38).
جملة حزينة جداً تستدر دمع العين وأنها أثرت جداً في نفوس التلاميذ حتى جعلتهم يتمنون لو يقدمون ذواتهم ضحية لانقاذ سيدهم.
ولكن لا يمكن لجميع البشر ان يقوموا باحتمال ما احزن المخلص حتى أن تلاميذه لم يقدروا ان يسهروا معه ساعة واحدة (متى 26: 40).
تعال معي ندخل هذا البستان ونتأمل ما حصل منه فنجد أمراً محزناً لا مفرحاً، هنالك نرى مشهد يجرح القلب، هنالك نرى آدم الجديد في البستان يعمل لا لكي ينعم بما كان ينعم به آدم في بستان عدن بل كان يجاهد ليحصل على خلاص كل البشر.
فما أعظم الفرق بين البستانين فالأول توفرت فيه كل اسباب الراحة والسرور والثاني كان مفعماً بعلامات الحزن والكآبة، بستان خصب وبستان مجذب، بستان يستريح فيه المخلوق وبستان يتعب فيه الخالق، بستان ابتدأ فيه شقاء الانسانيه وبستان خرجت منه سعادة الانسانية، بستان ذين فيه آدم وبستان وَفى فيه يسوع دين آدم.
هناك مشهد أليم قاله الرب يسوع لتلاميذه: أمكثوا ههنا وأسهروا معي ثم تقدم قليلاً وخر على وجهه وكان يصلي قائلاً: يا أبتاه ان أمكن أن تعبر عني هذه الكأس ولكن ليس كما أريد بل كما تريد أنت (متى 26: 38 ، 39).
فيا له من مشهد بديع يعلمنا أقصى درجات التواضع ويرسم أمامنا كيفية الصلاة بالالام والطاعة، أطاع حتى الموت ليداوي جروح العصيان. يا له من مشهد يحرك الجماد ومشهد يبقى مؤثراً رغم مرور الأيام لا بل الشهور والأزمان، ابن الله المساوي في الجوهر يُرى حزيناً طريحاً على الأرض ذاك الذي هو في حضن الآب مكانه (يو 1: 18). هذا الاله المسجود له من قِبل كل القوات السماوية نراه يجثو ويركع (فلبي 2: 5-10).
من يرى هذا المشهد ولا يتأثر.
من يرى هذا التواضع ولا ينكسر قلبه.
من يرى الرفيع يجثو وينحني وهو لا يجثو.
تألم فاتجه بغلبة نحو الصلاة، الذي يسمع طلبات الآخرين ويقبل توسلات الغير أخذ يصلي بحرارة ففي ضيقك يا أخي تشجع وأسكب قلبك وسمع صراخك الى الله.
هو جرب لكي يعين المجربين.
هو يصلي لكي يعين المصلين، صلى لكي تعبر عنه الساعة (مر 14: 35) وكيف ذلك؟ أتى ليموت فكيف يريد التخلص من الموت؟ لقد جاء الى الصليب فكيف يرغب ان يفلت منه؟
لم لم يصل هكذا لما تشبه بنا في كل شيء لقد اعطانا نموذجا حسنا نتصرف به في ضيقاتنا فاذاً لم يطلب أن يتنحى بل أراد ان يعلمنا درساً وهو القائل: "ليس أحد يأخذها منى بل اضعها أنا من ذاتي، لي سلطان أن اضعها ولي سلطان أن أخذها أيضاً (يو 10: 18)".
ان الرب يسوع في هذا البستان عرق دما لا ماء من مجرد تصوره الالامه فكم كان حزيناً حيثما وقعت عليه بالفعل ومن لا يتأثر بهذا الحال ومن لا يتوجع على خطاياه التي جعلت الله يتوجع.
أعلم ايها البعيد عن الرب ان ما جعل العرق يتصبب دماً من مخلصك ليس هو العذاب الذي كان أمامه بل لكي يشتري لك دواءً لنفسك وهذا كان مكلفاً وثمناً باهظاً.
تبارك اسمك أيها الرب يسوع وكل نسمة فلتسبح اسمك العظيم.
اسرة شهداء انصنا بدير ابو حنس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق